فرض الزكاة
الزكاة من الفروض العينية والتكاليف الشرعية التى فرضها الله جل علاه على كافة خلق الله
لأنهم جميعا مُخاطبون بالإيمان واتباع دين الإسلام .. يقول الله جل علاه
{ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ } فصلت: ٦ - ٧
فمنذ مبعث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحتى يوم الدين فإن الناس أجمعين يجب عليهم
اتباع دين الله القويم وصراطه المستقيم وإلا استحقوا العذاب الأليم .
فالكافرين إن أسبغ الله عليهم رضاه واهتدوا بهداه فاتبعوا دين الله فقد صاروا مسلمين
وأصبحوا إخواناً لنا فى الدين ينتهوا عما نهى الله عنه ويأتمروا بما أمر الله به .
{فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} التوبة: ١١
والزكاة فرض من الفروض التى فرضها الله وبينها لنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ولقد وجب أداؤها
فإن لم تؤدِّها أخِذت منك قسراً وقهراً بل وقوتلت عليها وعلى عدم أدائها ..
فقد قاتل سيدنا أبوبكر الصديق رضى الله عنه من منعها وأخذها منه كرهاً وجبراً .
واعلم أن : كل مال لا يُؤدى زكاته يعد كنزاً .. فلتطِع الله ولتؤدِّ فرض الله وتنفق من المال الذى آتاك الله
فالمال مال الله ونحن جميعا عبيد لله ومُستخلفين فيما رزقنا به الله .
والزكاة تطهيرٌ وتزكيةٌ لأصلها أيا كان نوعها .. يقول سبحانه وتعالى
{ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا } التوبة: ١٠٣
*************************
الأحكام العامة للزكاة
الزكاة طهارة للنفس ونماء للمال ورحمة للخلق وصلاح فيما بينهم .. يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
(مانقص مال من زكاة )
ويقول عليه الصلاة والسلام
(مانقص مال من صدقة )
الزكاة والصدقة لفظان بمعنى واحد : فالصدقة تطلق على الزكاة كفرض
وتطلق أيضا على أنها نوع من البر والإحسان
وما ينفقه المرء من الزكاة سيُوفَّ إليه دون ظلم أو نقصان .
والنية واجبة فى أداءالزكاة لأنها إن لم تكن بنية الفرض عُدت تطوعا وما أجزأت عن الواجب ..
والأوْلى أن تلِيها بنفسك وبيديك بدلا من أن تطرحها لأحد إلا إذا كنت متيقناً أنها ستوضع فى حقها .
ويجب أن لا تخرِج الزكاة أو تنقلها من موضع إلى موضع أو من بلدٍ إلى بلد وفى هذا الموضع
أو البلد الذى أنت فيه من يستحقها .. فإن استغنى عنها أهل بلدها جاز نقلها . ولتدْعُ الله حين أدائها .
وعلى العاملين عليها أو من ولاهم الحاكم لقبضها أن يُحْصِى أهلها ويقسِّمها على أصنافها فلا يترك صنفا
موجودا وإلا ضمن .. ولا يؤثر أحدا على أحد .
وعلى الحكام أوالولاة : أن يقوموا على أخذها من أهل الأموال لأنهم أمناء عليها وعلى تقسيمها ..
وليس لأهل الأموال منع ما جعل الله عليهم من زكاة .
والزكاة لاتسقط حتى وإن تلف المال .. وحتى ولو مات رب المال حيث تخرج من ماله وإن لم يوص بها
لأنها حق من حقوق الله تعالى وجب أدائه .
وتركة المتوفى لولم تقسم وحال عليها الحول فقد وجبت فيها الزكاة لأن الزكاة
فى المال نفسه لا فى المالك ذاته .
وفى العلاقة الزوجية هناك فصل فى الزكاة بين ماهو مملوكاً للرجل وبين ماهو مملوكا للمرأة ..
فالذمة المالية للرجل خلافا للذمة المالية للمرأة .. يقول تبارك وتعالى
{ وَآتُواْ الزَّكَاةَ } البقرة: ٤٣
ويقول سبحانه وتعالى
{ وَآتِينَ الزَّكَاةَ }الأحزاب: ٣٣
والزكاة واجبة فى الخصب والجدب : زكاة مال أو زكاة فطر أوأى نوع آخر من أنواع الزكاة .
ولاتحل الزكاة لأى غنى إلا إذا كان غازياً فى سبيل الله أوكان من العاملين عليها .
وإن طلب أحد من الناس زكاة باسم فقرأومسكنة أعطِىَ منها حتى ولولم يستحقها ..
فلو عُلِم أن الطالبُ لها صحيح ومكتسب يمكنه وفى استطاعته غِناء نفسه أو عياله لم يُعط منها شيئا ..
فإن قال أنه ليس مكتسبا أو أن كسبه لا يغنيه أو لا يغنيه وعياله وما من يقين عند الوالى أو العاملين عليها
من أن ما قال غير ما قال فالقول قوله ويعطى من الزكاة والله حسيبه ورقيبه .
*************************
كيفية تقسيم وتوزيع الزكاة
ليس لأحد من خلق الله أن يقسم الزكاة على غير ما قسمها الله فلا يجوز صرفها فى أى مجال حتى
ولو فى بناء مساجد وأشباه ذلك منالقرب التى لم يذكرها الله .
{ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ
فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } التوبة: ٦٠
فهؤلاء هم أهل الصدقة أوأهل الزكاة .. هؤلاء هم من ذكرهم الله فى كتابه ومحكم آياته
وهم ثمانية أصناف :
( الفقير .. المسكين .. العاملون عليها .. المؤلفة قلوبهم .. فى الرقاب ..الغارمون .. فىسبيل الله .. ابن السبيل .. )
( الفقير ) : هومن لامال ولا حرفة له .. أومن كان له حرفة ولكنها لا تفِ بحاجته : سائلا كان أو متعففا .
( المسكين) : هو من له مال أو حرفة ولكنها لا تغنيه : سائلا كان أم غير سائل .
( العاملون عليها ): هم المتولون لقبضها من أهلها ومن عاونهم أغنياء كانوا أم فقراء من أهلها كانوا أم غرباء .
( المؤلفة قلوبهم ): هم من دخل فى الإسلام حديثا فالصدقة لا يعطى منها مشرك لأن الله سبحانه وتعالى
خوَّل للمسلمين أموال المشركين لا المشركين أموال المسلمين .
( فى الرقاب) :هم الأرقاء إن اتسعت الزكاة فى سهمهم أعطوا حتى يعتقوا .
( الغارمون ) : هم المدينون وهم صنفان : صنف ادَّان فى مصلحته أو فى غيرمعصية الله
وصنف ادان فى منفعة أهل الإسلام . والأصل أن الناس غير غارمين حتى يعلم غرمهم .
( فى سبيل الله ): هم الغازين والمجاهدين فقراء كانوا أم أغنياء .
( ابن السبيل ): وهو من يريد السفر فى غير معصية ويعجزعن بلوغ سفرإلا بالمعونة
فلا يجوز تقسيم الصدقات على غير هؤلاء .
يقول الإمام الشافعى فى الأم
ليس لأحد أن يقسم الصدقات على غير ما قسمها الله عز وجل طالما وجد أهلها .
ولو كان هناك صنف من أهلها ساقطا فتقسم على مابقى من الأصناف فمثلا :
لو كانت الزكاة ثمانية آلاف .. فلكل صنف من الأصناف ألفا
فإذا كان الفقراء ( 5 ) يخرجهم من الفقر ( 500 )
وكانت المساكين ( 10 ) يخرجهم من المسكنة ( 500 )
ووجدنا الغارمين ( 10 ) يخرجهم من غرمهم ( 5 آلاف )
وهناك عاملين عليها وأبناء سبيل ولا يوجد رقاب ولا مؤلفة قلوبهم ولا فى سبيل الله .
فهنا : فى الرقاب والمؤلفة قلوبهم وفى سبيل الله سقطت أسهمهم .. فتقسم الصدقات على خمسة أصناف ..
فيعطى كل صنف سهمه حتى يستغنى فإذا ما استغنى كل صنف : عِيدَ بالفضل على من معه من أهل الصدقة بمعنى :
أن يأخذ الفقراء ما يخرجهم من فقرهم .. كل فقير يأخذ مائة .
ويأخذ المساكين ما يخرجهم من مسكنتهم .. كل مسكين يأخذ خمسون .
ويأخذ أبناء السبيل والعاملين عليها نصيبهم فى سهمهم .
ثم يرد الباقى وهو أربعة آلاف على الغارمين بجانب سهمهم ولكن لا يعطى لهم على حسب عددهم
فإذا كانوا العشرة أحدهم غرمه مائة والثانى غرمه خمسمائة والثالث غرمه ألفا والرابع غرمه ...... .. وهكذا
فيجمع غرمهم جميعا فوجد مثلا (10 آلاف )
وسهمهم هنا ( ألف) وما عيد عليهم من الفضل ( 4 آلاف )
أى أن سهمهم أصبح ( 5 آلاف )
فيعطى كل واحد منهم عشر غرمه بالغا ما بلغ .. فالذى غرمه مائة سيأخذ عشرة
والذى غرمه ألفا سيأخذ مائة .. وهكذا
وإذا تبين أن أحدا من أهل الصدقات دخل وهو غير مستحق للصدقة وأخذ منها نزعت منه ...
يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
(تحل المسألة فى الفاقة والحاجة حتى يصيب سدادا من عيش وما سوى ذلك من المسألة فهو سحت )
وإذا كان هناك أحدا ممن يستحق الزكاة ولم يعط منها فقد وجب ضمان حقه حتى ولو أعيدت القسمة ..
ولا يعطى من الزكاة : كل من يلزم المرء نفقته ومؤنته : أبا كان أو أما جدا أو جدة وما علا ..
وإبنا كان أو إبن إبن وما نزل أو زوجة .. صغيرا كان أم كبيرا إلا إذا أراد أحدا
منهم سفرا أو كانوا غارمين أو فى سبيل الله .
*************************
أنواع الزكاة
الزكاة تجب فى كل مال نامِ .
هذه قاعدة شرعية متفق عليها : بأن كل مال نام تجب فيه الزكاة .. ولهذا :
فإن كل ما تملكه طالما أن به نماء وبلغ النصاب وحال عليه الحول (عام كامل) :
فأيا كان مسماه وأيا كان نوعه فقد وجب فيه زكاة ..
والله سبحانه وتعالى هو الحسيب عليك وهوالرقيب وهو على كل شىء شهيد .
ولايستثنى من الحول فى الزكاة .. إلا : ما وجد من ركاز : فحين العثور عليه .
وما خرج من المعادن : فحين يكون صالحا .
وما أنبتت الأرض وما يزرعه الآدميون من غراس : فحال حصاده .
*********
( زكاة الفطر)
بيَّن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن زكاة الفطر واجبة على :
المرء فى نفسه . وعن من تلزمه نفقتهم ومؤنتهم صِغارا كانوا أم كِبارا حضوراً كانوا أم غياباً رقيقاً كانوا أم خداماً ..
فكل من عنده قوته وقوت من يقوته يومه وليلته وما يؤدى به زكاة فطره عنهم وعنه وجبت عليه الزكاة .
وإذا ولد مولود فى شهر رمضان فعلى المرء أن يؤدى عنه الزكاة حتى وإن مات
من ليلته لأنه بولادته قد صار من مؤنته ونفقته .
وإن كان أحدا ممن يقوت (ممن يعال) واجدا لزكاة الفطر فهى وإن كان لا يلتزم بأدائها إلا أنه لابأس
أن يؤديها عن نفسه إن كان هناك متسعا له فى ذلك .
وإن كان المرء يملك عبداً كافراً أوأمَة كافرة فليس له أن يُخرج عن أيهما زكاة لأن الزكاة طهور
والطهور لايكون للكافر إلا بالإسلام والإيمان .
ومقدار زكاة الفطرعلى الفرد الواحد : صاعا مما يقتات أو أربعة أمداد ( المد رطل وثلث رطل) من قوتٍ واحد
أيا كان هذا القوت والقوت يكون من الغالب على ما يقتات والله هو الحسيب والرقيب وهو على كل شىء شهيد .
وقد قيل هنا أنه : لا يجوز تقويم الصاع إلا لضرورة قصوى .
وقيل : بجواز التقويم بالمال أو غيره حتى ولو لم تكن هناك ضرورة .
يقول ابن قدامة فى المغنى :
( أن ابن عمررضى الله عنهما قال : فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر صاعا من تمروصاعا من شعير
فمن عدل عن ذلك فقد ترك المفروض .
وورد أيضا : أن معاذ بن جبل رضى الله عنه قال لأهل اليمن ( ائتونى بخميص أو لبيس آخذه منكم فإنه
أيسر عليكم وأنفع للمهاجرين بالمدينة وقال سعيد : حدثنا سفيان عن عمرو وعن طاوس قال لما قدم معاذاليمن قال :
ائتونى بعرض ثياب آخذه منكم مكان الذرة والشعير فإنه أهون عليكم وخيرللمهاجرين بالمدينة
قال : وحدثنا جرير عن ليث عن عطاء قال كان عمر بن الخطاب يأخذ العروض فى الصدقة من الدراهم )
وزكاة الفطر وإن كان يجزىء فيها القيام بأدائها فى أى يوم من أيام أو ليالى شهر رمضان إلا أن التأخير فيها أوْلى من التعجيل .
*********
( زكاة الذهب والفضة )
زكاة الذهب :
اذا بلغت ملكيتك منه النصاب وحال عليه الحول فقد وجب فيه الزكاة :
وهى ربع العشر .. والنصاب هو : عشرون دينارا عينا من الذهب وقد قدر بما يزيد على 83 ثلاثة وثمانون جراما ..
ويستوى فى بلوغ هذا النصاب أن يكون الذهب مضروبا أوغير مضروب مالا أو غيرمال تبرا أو إناء مثقالا أودنانير
مستعملا أوغيرمستعمل على أن يضم البعض الى البعض من نفس العيار الواحد .
ويجب أن يكون هذا النصاب من الذهب الخالص فاذا كان الذهب مخلوطا أو به شوائب فالنصاب الذى يعتد به هو
الذهب المصفى الخالى من الشوائب فإن لم يحط به علمك فعلى قدرما أحطت وعلى قدر ما احتطت حتى تستيقن .
وإذا كانت ملكيتك من الذهب من نوع معين أوعيار معين وجب أن تخرج زكاته من نفس النوع والعيار لا من نوع آخر
ولا من عيار أقل لأن التقدير على أساسه لا على أساس ما هو دونه أو ماهو أقل منه .
زكاة الفضة
وهى ما تسمى بزكاة الورق .. إذا بلغت ملكيتك منها النصاب وحال عليه الحول ففيها : ربع العشر..
والنصاب هو : مائتى درهم أو 5 أواق من الفضة وقد قدر ب 595 جراما من الفضة ..
يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
( ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة )
ويستوى فى بلوغ النصاب : أن تكون مضروبة أم غير مضروبة مالا أوغيرمال مثاقيلا أم غيرمثاقيل
مستعملة أم غير مستعملة وتضم بعضها البعض إلا إذا كانت رديئة أو مغشوشة بأى معدن آخر
فيجب تصفيتها وتنقية الردئ منها .
*********
( زكاة المال )
وهو المال الذى يجرى به التعامل فيما بين العباد كالين والريال والدينار وكالجنيه والليرة والدولار
حسب اختلاف البلدان والأقطار .
فإذا كانت ملكيتك من هذا المال قد بلغت النصاب وحال عليها الحول فزكاته هى : ربع العشر ..
والنصاب هو : نصاب أيا من النقدين الذهب أوالفضة أى عشرون دينارا عينا من الذهب أو 5 أواق من الفضة
( 83 جراما من الذهب .. أو 595 جراما من الفضة ) وما زاد فبحسابه ..
وهذا يسرى على أى مال ( أى مال ) يستوى أن يكون : ديْناً كان أو قراضاً . فى التجارة أو فى الصناعة .
عروضا تجارية أو صناعية . أسهم أو سندات . أوراق مالية أو شهادات . محلات أو عقارات ..
وما إلى ذلك مما يستجد ومماهو آت .
فإذا كان المال دينا لك :
وكان بالغا النصاب وحال عليه الحول فتركت هذا المال (الدين) وأنت مستطيعا إستيفائه ولم تفعل
فعليك أن تؤدى زكاته كلما حال عليه الحول حتى ولو ظل سنوات .. أما إذا كنت غير مستطيعا لاستيفائه
لغياب المدين أو لجحوده الدين أو لأى سبب آخر فلا يؤدى الزكاة عنه إلا حين قبضه واستيفائه وحينئذ
عليك أن تخرج الزكاة عن جميع الأحوال التى مرت عليه .. أى عن كل السنوات الذى ظل الدين محبوسا فيها .
واذا كان المال قراضا - مضاربة -
والقراض أوالمضاربة هى : أن يدفع رب المال مالا لآخر( المقارض أو المضارب) ليضرب بها فى الأرض
ابتغاء الكسب والرزق ويتشارطا على كيفية اقتسام الربح .. فإذا بلغ رأس المال مع المضارب النصاب وحال عليه الحول
فقد وجب فيه الزكاة .. والزكاة هنا تكون على رب المال لا على المضارب أو المقارض لأن المال ماله .
أما الربح الناتج من المقارضة أو المضاربة فقد قيل أنه : يضم الى رأس المال- حال عليه الحول أم لم يحل – وهنا
يخرج رب المال الزكاة عنهما .. وقيل : لايضم لأن الربح لا
يتبع الأصل وله حول يخصه فى يد المضارب .
أما اذا كان المال مستثمرا فى تجارة أو فى صناعة وما إلى ذلك
فإن الربح الناتج من المال المستثمر فى التجارة أو الصناعة أو غير ذلك حتى وإن لم يحل عليه الحول يجمع
ويضم الى رأس المال لأن الربح هنا تابع للأصل فيخرج عنهما الزكاة - عن رأس المال والربح - بعد خصم كافة
التكاليف وجميع النفقات والديون والمصروفات من الربح .
وكذلك أى عروض تجارية أو صناعية إذا أعددتها للإستثمار
والعروض جمع عرض وهو غير الأثمان من المال على اختلاف أنواعه من النبات والحيوان والعقار
وسائر المال فمن ملك عرضا للتجارة فحال عليه حول قومها وزكاها فما بلغ أخرج زكاته وهو ربع عشر قيمته
يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
(لا زكاة فى مال حتى يحول عليه الحول)
وزكاة هذه العروض واجبة سواء : إستثمرتها أم لا..
يقول الإمام مالك فى الموطأ
(وما كان من مال عند رجل يديره للتجارة ولا ينض لصاحبه منه شىء تجب عليه فيه الزكاة :
فإنه يجعل له شهرا من السنة يقوم فيه ما كان عنده من عرض للتجارة ويحصى فيه ما كان عنده من نقد أو عين
فإذا بلغ ذلك كله ما تجب فيه الزكاة فإنه يزكيه ومن تجر من المسلمين ومن لم يتجر سواء ..
ليس عليهم إلا صدقة واحدة فى كل عام تجروا فيه أم لم يتجروا )
ويقول ابن قدامة
( إنْ اشترى نخلا أو أرضا للتجارة فزرعت الأرض وأثمرت النخل فاتفق حولاهما بأن يكون بدو
الصلاح فى الثمرة واشتداد الحب عند تمام الحول وكانت قيمة الأرض والنخل بمفردها نصابا للتجارة
فإنه يزكى الثمرة والحب زكاة العشر ويزكى الجميع زكاة القيمة وهذا قول أبى حنيفة وأبى ثور ..
وقال القاضى وأصحابه : يزكى الجميع زكاة القيمة )
(وإذا اشترى للتجارة شيئا بألف فحال عليه الحول وهو يساوى ألفين فعليه زكاة ألفين)
وإذا كان المال أسهما أو سندات :
السهم : ورقة مالية تمثل نسبة معينة فى ملكية مشروع زراعى أوتجارى أو صناعى وله فائدة..
فكل الشركات المساهمة تخضع لوجوب الزكاة أيا كان نشاطها .
والسند : ورقة مالية يصبح المرء دائنا بقيمتها للمشروع الزراعى أوالتجارى أو الصناعى وله فائدة ..
فهى عبارة عن وثائق بديون فى ذمم مصدريها ولمن يملكها فوائد مقابل تأجيل سدادها .
وهناك من فرق بين ما إذا كانت السندات شرعية مثل المضاربة والقراض فأوجب فيها الزكاة ..
وبين الغير شرعية فمنع الزكاة فيها باعتبارها ربوية
وهناك من ذهب إلى أنه : إذا بلغ السهم أو السند النصاب وحال عليه الحول : ففيه ربع العشر ..
أما الفائدة قيل : بضمها الى رأس المال واعتباره كالربح وقيل : بعدم ضمها لعدم مشروعيتها .
وكذلك الأمر إذا كان المال شهادات أيا كان نوعها أو فئتها :
فإنه يؤدى عنها الزكاة إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول .
وإذا كان المال ودائع
فإنه يؤدى عنها الزكاة كلما حال عليها الحول دون انتظارسحبها فى الميعاد لاستطاعة
الحصول عليها فى أى وقت شاء .
وعموما : فالمال أيا كان مسماه لولم تستطع استيفائه فعليك أن تحسب أحواله (عدد سنواته)
وحال قبضه تخرج عنه الزكاة على ما مرمن السنوات التى كان محبوسا فيها .
*********
( زكاة الركاز)
يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
( فى الركاز الخمس )
والركاز هو : ما وجد مدفونا من ذهب أو فضة وما إلى ذلك فى أرض غير مملوكة لأحد ..
ومقدار الزكاة فيه هى : الخمس .. ولا نصاب فى الركاز قل أو كثر .. ولاحول فيه ..
فحين يصبح صالحا بعد المعالجة والتصفية والتنقية وإخراج كافة التكاليف
والمصروفات تؤدى زكاته .. ولا يجوز تقويم الركاز فالزكاة فيه مما وجد منه لا من قيمته .
*********
( زكاة المعادن )
كل ما أخرجت الأرض أوالبحر من معادن وغيرها كالنحاس والحديد والرصاص وكاللؤلؤ والمرجان والياقوت والزبرجد والكحل
والمسك والموميا والكبريت وما إلى ذلك وقد ورد بشأنها آراء مختلفة :
فقيل : لازكاة فيها .
وقيل : فيها الخمس باعتبارها ركاز ولا نصاب ولا حول فيها .
وقيل : فيها ربع العشر ونصابها نصاب النقدين .
وقيل : فيها العشر عقب صلاحيته لأنها بمنزلة الزرع يؤخذ منه ما يؤخذ من الزرع يوم حصاده .
*********
( زكاة الزرع )
الزرع : هو كل مستنبت مقتات فكل ما يستنبت فى الأرض وما يقتاته الناس تجب فيه
الزكاة.. ووقت إخراجه هو : يوم حصاده ووقت الحصاد بعد أن يصبح صالحا للإقتيات يقول سبحانه وتعالى
{ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ } الأنعام: ١٤١
والنصاب : خمسة أوسق .. يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
( ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة )
والخمسة أوسق تكون بعد التصفية فى الحبوب والجفاف فى الثمار.. والوسق يعادل 60 ستون صاعا
والصاع 4 أربع أمداد والمد : رطل وثلث رطل تقريبا وهو ما يساوى 1600 رطل ( 712 كيلو تقريبا ) ..
هذا هو أول النصاب إذابلغه الزرع وجبت فيه الزكاة .. ولا يجوز تقويمه بالمال .
ومقدار زكاة الزرع هو : العشر : ونصف العشر .
العشر : لولم يكن فى زراعة الأرض مؤنة والمؤنة هى السقيا بعين جارية أو من بحر
أو من نهر أو من ماء المصارف ...الخ
ونصف العشر : لو كان فى زراعة الأرض مؤنة ومشقة كالسقيا من بئر بعيد أو الحمل من ساقية أو بدلو .... إلخ
بعد إخراج المصروفات والتكاليف والنفقات والله هو الحسيب والرقيب فإن خلط المرء فى الزراعة بين
هذا وذاك ( المشقة والراحة ) فما قل أو كثر فبحسابه والله حسيبه .
الزكاة من الفروض العينية والتكاليف الشرعية التى فرضها الله جل علاه على كافة خلق الله
لأنهم جميعا مُخاطبون بالإيمان واتباع دين الإسلام .. يقول الله جل علاه
{ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ } فصلت: ٦ - ٧
فمنذ مبعث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحتى يوم الدين فإن الناس أجمعين يجب عليهم
اتباع دين الله القويم وصراطه المستقيم وإلا استحقوا العذاب الأليم .
فالكافرين إن أسبغ الله عليهم رضاه واهتدوا بهداه فاتبعوا دين الله فقد صاروا مسلمين
وأصبحوا إخواناً لنا فى الدين ينتهوا عما نهى الله عنه ويأتمروا بما أمر الله به .
{فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} التوبة: ١١
والزكاة فرض من الفروض التى فرضها الله وبينها لنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ولقد وجب أداؤها
فإن لم تؤدِّها أخِذت منك قسراً وقهراً بل وقوتلت عليها وعلى عدم أدائها ..
فقد قاتل سيدنا أبوبكر الصديق رضى الله عنه من منعها وأخذها منه كرهاً وجبراً .
واعلم أن : كل مال لا يُؤدى زكاته يعد كنزاً .. فلتطِع الله ولتؤدِّ فرض الله وتنفق من المال الذى آتاك الله
فالمال مال الله ونحن جميعا عبيد لله ومُستخلفين فيما رزقنا به الله .
والزكاة تطهيرٌ وتزكيةٌ لأصلها أيا كان نوعها .. يقول سبحانه وتعالى
{ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا } التوبة: ١٠٣
*************************
الأحكام العامة للزكاة
الزكاة طهارة للنفس ونماء للمال ورحمة للخلق وصلاح فيما بينهم .. يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
(مانقص مال من زكاة )
ويقول عليه الصلاة والسلام
(مانقص مال من صدقة )
الزكاة والصدقة لفظان بمعنى واحد : فالصدقة تطلق على الزكاة كفرض
وتطلق أيضا على أنها نوع من البر والإحسان
وما ينفقه المرء من الزكاة سيُوفَّ إليه دون ظلم أو نقصان .
والنية واجبة فى أداءالزكاة لأنها إن لم تكن بنية الفرض عُدت تطوعا وما أجزأت عن الواجب ..
والأوْلى أن تلِيها بنفسك وبيديك بدلا من أن تطرحها لأحد إلا إذا كنت متيقناً أنها ستوضع فى حقها .
ويجب أن لا تخرِج الزكاة أو تنقلها من موضع إلى موضع أو من بلدٍ إلى بلد وفى هذا الموضع
أو البلد الذى أنت فيه من يستحقها .. فإن استغنى عنها أهل بلدها جاز نقلها . ولتدْعُ الله حين أدائها .
وعلى العاملين عليها أو من ولاهم الحاكم لقبضها أن يُحْصِى أهلها ويقسِّمها على أصنافها فلا يترك صنفا
موجودا وإلا ضمن .. ولا يؤثر أحدا على أحد .
وعلى الحكام أوالولاة : أن يقوموا على أخذها من أهل الأموال لأنهم أمناء عليها وعلى تقسيمها ..
وليس لأهل الأموال منع ما جعل الله عليهم من زكاة .
والزكاة لاتسقط حتى وإن تلف المال .. وحتى ولو مات رب المال حيث تخرج من ماله وإن لم يوص بها
لأنها حق من حقوق الله تعالى وجب أدائه .
وتركة المتوفى لولم تقسم وحال عليها الحول فقد وجبت فيها الزكاة لأن الزكاة
فى المال نفسه لا فى المالك ذاته .
وفى العلاقة الزوجية هناك فصل فى الزكاة بين ماهو مملوكاً للرجل وبين ماهو مملوكا للمرأة ..
فالذمة المالية للرجل خلافا للذمة المالية للمرأة .. يقول تبارك وتعالى
{ وَآتُواْ الزَّكَاةَ } البقرة: ٤٣
ويقول سبحانه وتعالى
{ وَآتِينَ الزَّكَاةَ }الأحزاب: ٣٣
والزكاة واجبة فى الخصب والجدب : زكاة مال أو زكاة فطر أوأى نوع آخر من أنواع الزكاة .
ولاتحل الزكاة لأى غنى إلا إذا كان غازياً فى سبيل الله أوكان من العاملين عليها .
وإن طلب أحد من الناس زكاة باسم فقرأومسكنة أعطِىَ منها حتى ولولم يستحقها ..
فلو عُلِم أن الطالبُ لها صحيح ومكتسب يمكنه وفى استطاعته غِناء نفسه أو عياله لم يُعط منها شيئا ..
فإن قال أنه ليس مكتسبا أو أن كسبه لا يغنيه أو لا يغنيه وعياله وما من يقين عند الوالى أو العاملين عليها
من أن ما قال غير ما قال فالقول قوله ويعطى من الزكاة والله حسيبه ورقيبه .
*************************
كيفية تقسيم وتوزيع الزكاة
ليس لأحد من خلق الله أن يقسم الزكاة على غير ما قسمها الله فلا يجوز صرفها فى أى مجال حتى
ولو فى بناء مساجد وأشباه ذلك منالقرب التى لم يذكرها الله .
{ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ
فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } التوبة: ٦٠
فهؤلاء هم أهل الصدقة أوأهل الزكاة .. هؤلاء هم من ذكرهم الله فى كتابه ومحكم آياته
وهم ثمانية أصناف :
( الفقير .. المسكين .. العاملون عليها .. المؤلفة قلوبهم .. فى الرقاب ..الغارمون .. فىسبيل الله .. ابن السبيل .. )
( الفقير ) : هومن لامال ولا حرفة له .. أومن كان له حرفة ولكنها لا تفِ بحاجته : سائلا كان أو متعففا .
( المسكين) : هو من له مال أو حرفة ولكنها لا تغنيه : سائلا كان أم غير سائل .
( العاملون عليها ): هم المتولون لقبضها من أهلها ومن عاونهم أغنياء كانوا أم فقراء من أهلها كانوا أم غرباء .
( المؤلفة قلوبهم ): هم من دخل فى الإسلام حديثا فالصدقة لا يعطى منها مشرك لأن الله سبحانه وتعالى
خوَّل للمسلمين أموال المشركين لا المشركين أموال المسلمين .
( فى الرقاب) :هم الأرقاء إن اتسعت الزكاة فى سهمهم أعطوا حتى يعتقوا .
( الغارمون ) : هم المدينون وهم صنفان : صنف ادَّان فى مصلحته أو فى غيرمعصية الله
وصنف ادان فى منفعة أهل الإسلام . والأصل أن الناس غير غارمين حتى يعلم غرمهم .
( فى سبيل الله ): هم الغازين والمجاهدين فقراء كانوا أم أغنياء .
( ابن السبيل ): وهو من يريد السفر فى غير معصية ويعجزعن بلوغ سفرإلا بالمعونة
فلا يجوز تقسيم الصدقات على غير هؤلاء .
يقول الإمام الشافعى فى الأم
ليس لأحد أن يقسم الصدقات على غير ما قسمها الله عز وجل طالما وجد أهلها .
ولو كان هناك صنف من أهلها ساقطا فتقسم على مابقى من الأصناف فمثلا :
لو كانت الزكاة ثمانية آلاف .. فلكل صنف من الأصناف ألفا
فإذا كان الفقراء ( 5 ) يخرجهم من الفقر ( 500 )
وكانت المساكين ( 10 ) يخرجهم من المسكنة ( 500 )
ووجدنا الغارمين ( 10 ) يخرجهم من غرمهم ( 5 آلاف )
وهناك عاملين عليها وأبناء سبيل ولا يوجد رقاب ولا مؤلفة قلوبهم ولا فى سبيل الله .
فهنا : فى الرقاب والمؤلفة قلوبهم وفى سبيل الله سقطت أسهمهم .. فتقسم الصدقات على خمسة أصناف ..
فيعطى كل صنف سهمه حتى يستغنى فإذا ما استغنى كل صنف : عِيدَ بالفضل على من معه من أهل الصدقة بمعنى :
أن يأخذ الفقراء ما يخرجهم من فقرهم .. كل فقير يأخذ مائة .
ويأخذ المساكين ما يخرجهم من مسكنتهم .. كل مسكين يأخذ خمسون .
ويأخذ أبناء السبيل والعاملين عليها نصيبهم فى سهمهم .
ثم يرد الباقى وهو أربعة آلاف على الغارمين بجانب سهمهم ولكن لا يعطى لهم على حسب عددهم
فإذا كانوا العشرة أحدهم غرمه مائة والثانى غرمه خمسمائة والثالث غرمه ألفا والرابع غرمه ...... .. وهكذا
فيجمع غرمهم جميعا فوجد مثلا (10 آلاف )
وسهمهم هنا ( ألف) وما عيد عليهم من الفضل ( 4 آلاف )
أى أن سهمهم أصبح ( 5 آلاف )
فيعطى كل واحد منهم عشر غرمه بالغا ما بلغ .. فالذى غرمه مائة سيأخذ عشرة
والذى غرمه ألفا سيأخذ مائة .. وهكذا
وإذا تبين أن أحدا من أهل الصدقات دخل وهو غير مستحق للصدقة وأخذ منها نزعت منه ...
يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
(تحل المسألة فى الفاقة والحاجة حتى يصيب سدادا من عيش وما سوى ذلك من المسألة فهو سحت )
وإذا كان هناك أحدا ممن يستحق الزكاة ولم يعط منها فقد وجب ضمان حقه حتى ولو أعيدت القسمة ..
ولا يعطى من الزكاة : كل من يلزم المرء نفقته ومؤنته : أبا كان أو أما جدا أو جدة وما علا ..
وإبنا كان أو إبن إبن وما نزل أو زوجة .. صغيرا كان أم كبيرا إلا إذا أراد أحدا
منهم سفرا أو كانوا غارمين أو فى سبيل الله .
*************************
أنواع الزكاة
الزكاة تجب فى كل مال نامِ .
هذه قاعدة شرعية متفق عليها : بأن كل مال نام تجب فيه الزكاة .. ولهذا :
فإن كل ما تملكه طالما أن به نماء وبلغ النصاب وحال عليه الحول (عام كامل) :
فأيا كان مسماه وأيا كان نوعه فقد وجب فيه زكاة ..
والله سبحانه وتعالى هو الحسيب عليك وهوالرقيب وهو على كل شىء شهيد .
ولايستثنى من الحول فى الزكاة .. إلا : ما وجد من ركاز : فحين العثور عليه .
وما خرج من المعادن : فحين يكون صالحا .
وما أنبتت الأرض وما يزرعه الآدميون من غراس : فحال حصاده .
*********
( زكاة الفطر)
بيَّن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن زكاة الفطر واجبة على :
المرء فى نفسه . وعن من تلزمه نفقتهم ومؤنتهم صِغارا كانوا أم كِبارا حضوراً كانوا أم غياباً رقيقاً كانوا أم خداماً ..
فكل من عنده قوته وقوت من يقوته يومه وليلته وما يؤدى به زكاة فطره عنهم وعنه وجبت عليه الزكاة .
وإذا ولد مولود فى شهر رمضان فعلى المرء أن يؤدى عنه الزكاة حتى وإن مات
من ليلته لأنه بولادته قد صار من مؤنته ونفقته .
وإن كان أحدا ممن يقوت (ممن يعال) واجدا لزكاة الفطر فهى وإن كان لا يلتزم بأدائها إلا أنه لابأس
أن يؤديها عن نفسه إن كان هناك متسعا له فى ذلك .
وإن كان المرء يملك عبداً كافراً أوأمَة كافرة فليس له أن يُخرج عن أيهما زكاة لأن الزكاة طهور
والطهور لايكون للكافر إلا بالإسلام والإيمان .
ومقدار زكاة الفطرعلى الفرد الواحد : صاعا مما يقتات أو أربعة أمداد ( المد رطل وثلث رطل) من قوتٍ واحد
أيا كان هذا القوت والقوت يكون من الغالب على ما يقتات والله هو الحسيب والرقيب وهو على كل شىء شهيد .
وقد قيل هنا أنه : لا يجوز تقويم الصاع إلا لضرورة قصوى .
وقيل : بجواز التقويم بالمال أو غيره حتى ولو لم تكن هناك ضرورة .
يقول ابن قدامة فى المغنى :
( أن ابن عمررضى الله عنهما قال : فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر صاعا من تمروصاعا من شعير
فمن عدل عن ذلك فقد ترك المفروض .
وورد أيضا : أن معاذ بن جبل رضى الله عنه قال لأهل اليمن ( ائتونى بخميص أو لبيس آخذه منكم فإنه
أيسر عليكم وأنفع للمهاجرين بالمدينة وقال سعيد : حدثنا سفيان عن عمرو وعن طاوس قال لما قدم معاذاليمن قال :
ائتونى بعرض ثياب آخذه منكم مكان الذرة والشعير فإنه أهون عليكم وخيرللمهاجرين بالمدينة
قال : وحدثنا جرير عن ليث عن عطاء قال كان عمر بن الخطاب يأخذ العروض فى الصدقة من الدراهم )
وزكاة الفطر وإن كان يجزىء فيها القيام بأدائها فى أى يوم من أيام أو ليالى شهر رمضان إلا أن التأخير فيها أوْلى من التعجيل .
*********
( زكاة الذهب والفضة )
زكاة الذهب :
اذا بلغت ملكيتك منه النصاب وحال عليه الحول فقد وجب فيه الزكاة :
وهى ربع العشر .. والنصاب هو : عشرون دينارا عينا من الذهب وقد قدر بما يزيد على 83 ثلاثة وثمانون جراما ..
ويستوى فى بلوغ هذا النصاب أن يكون الذهب مضروبا أوغير مضروب مالا أو غيرمال تبرا أو إناء مثقالا أودنانير
مستعملا أوغيرمستعمل على أن يضم البعض الى البعض من نفس العيار الواحد .
ويجب أن يكون هذا النصاب من الذهب الخالص فاذا كان الذهب مخلوطا أو به شوائب فالنصاب الذى يعتد به هو
الذهب المصفى الخالى من الشوائب فإن لم يحط به علمك فعلى قدرما أحطت وعلى قدر ما احتطت حتى تستيقن .
وإذا كانت ملكيتك من الذهب من نوع معين أوعيار معين وجب أن تخرج زكاته من نفس النوع والعيار لا من نوع آخر
ولا من عيار أقل لأن التقدير على أساسه لا على أساس ما هو دونه أو ماهو أقل منه .
زكاة الفضة
وهى ما تسمى بزكاة الورق .. إذا بلغت ملكيتك منها النصاب وحال عليه الحول ففيها : ربع العشر..
والنصاب هو : مائتى درهم أو 5 أواق من الفضة وقد قدر ب 595 جراما من الفضة ..
يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
( ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة )
ويستوى فى بلوغ النصاب : أن تكون مضروبة أم غير مضروبة مالا أوغيرمال مثاقيلا أم غيرمثاقيل
مستعملة أم غير مستعملة وتضم بعضها البعض إلا إذا كانت رديئة أو مغشوشة بأى معدن آخر
فيجب تصفيتها وتنقية الردئ منها .
*********
( زكاة المال )
وهو المال الذى يجرى به التعامل فيما بين العباد كالين والريال والدينار وكالجنيه والليرة والدولار
حسب اختلاف البلدان والأقطار .
فإذا كانت ملكيتك من هذا المال قد بلغت النصاب وحال عليها الحول فزكاته هى : ربع العشر ..
والنصاب هو : نصاب أيا من النقدين الذهب أوالفضة أى عشرون دينارا عينا من الذهب أو 5 أواق من الفضة
( 83 جراما من الذهب .. أو 595 جراما من الفضة ) وما زاد فبحسابه ..
وهذا يسرى على أى مال ( أى مال ) يستوى أن يكون : ديْناً كان أو قراضاً . فى التجارة أو فى الصناعة .
عروضا تجارية أو صناعية . أسهم أو سندات . أوراق مالية أو شهادات . محلات أو عقارات ..
وما إلى ذلك مما يستجد ومماهو آت .
فإذا كان المال دينا لك :
وكان بالغا النصاب وحال عليه الحول فتركت هذا المال (الدين) وأنت مستطيعا إستيفائه ولم تفعل
فعليك أن تؤدى زكاته كلما حال عليه الحول حتى ولو ظل سنوات .. أما إذا كنت غير مستطيعا لاستيفائه
لغياب المدين أو لجحوده الدين أو لأى سبب آخر فلا يؤدى الزكاة عنه إلا حين قبضه واستيفائه وحينئذ
عليك أن تخرج الزكاة عن جميع الأحوال التى مرت عليه .. أى عن كل السنوات الذى ظل الدين محبوسا فيها .
واذا كان المال قراضا - مضاربة -
والقراض أوالمضاربة هى : أن يدفع رب المال مالا لآخر( المقارض أو المضارب) ليضرب بها فى الأرض
ابتغاء الكسب والرزق ويتشارطا على كيفية اقتسام الربح .. فإذا بلغ رأس المال مع المضارب النصاب وحال عليه الحول
فقد وجب فيه الزكاة .. والزكاة هنا تكون على رب المال لا على المضارب أو المقارض لأن المال ماله .
أما الربح الناتج من المقارضة أو المضاربة فقد قيل أنه : يضم الى رأس المال- حال عليه الحول أم لم يحل – وهنا
يخرج رب المال الزكاة عنهما .. وقيل : لايضم لأن الربح لا
يتبع الأصل وله حول يخصه فى يد المضارب .
أما اذا كان المال مستثمرا فى تجارة أو فى صناعة وما إلى ذلك
فإن الربح الناتج من المال المستثمر فى التجارة أو الصناعة أو غير ذلك حتى وإن لم يحل عليه الحول يجمع
ويضم الى رأس المال لأن الربح هنا تابع للأصل فيخرج عنهما الزكاة - عن رأس المال والربح - بعد خصم كافة
التكاليف وجميع النفقات والديون والمصروفات من الربح .
وكذلك أى عروض تجارية أو صناعية إذا أعددتها للإستثمار
والعروض جمع عرض وهو غير الأثمان من المال على اختلاف أنواعه من النبات والحيوان والعقار
وسائر المال فمن ملك عرضا للتجارة فحال عليه حول قومها وزكاها فما بلغ أخرج زكاته وهو ربع عشر قيمته
يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
(لا زكاة فى مال حتى يحول عليه الحول)
وزكاة هذه العروض واجبة سواء : إستثمرتها أم لا..
يقول الإمام مالك فى الموطأ
(وما كان من مال عند رجل يديره للتجارة ولا ينض لصاحبه منه شىء تجب عليه فيه الزكاة :
فإنه يجعل له شهرا من السنة يقوم فيه ما كان عنده من عرض للتجارة ويحصى فيه ما كان عنده من نقد أو عين
فإذا بلغ ذلك كله ما تجب فيه الزكاة فإنه يزكيه ومن تجر من المسلمين ومن لم يتجر سواء ..
ليس عليهم إلا صدقة واحدة فى كل عام تجروا فيه أم لم يتجروا )
ويقول ابن قدامة
( إنْ اشترى نخلا أو أرضا للتجارة فزرعت الأرض وأثمرت النخل فاتفق حولاهما بأن يكون بدو
الصلاح فى الثمرة واشتداد الحب عند تمام الحول وكانت قيمة الأرض والنخل بمفردها نصابا للتجارة
فإنه يزكى الثمرة والحب زكاة العشر ويزكى الجميع زكاة القيمة وهذا قول أبى حنيفة وأبى ثور ..
وقال القاضى وأصحابه : يزكى الجميع زكاة القيمة )
(وإذا اشترى للتجارة شيئا بألف فحال عليه الحول وهو يساوى ألفين فعليه زكاة ألفين)
وإذا كان المال أسهما أو سندات :
السهم : ورقة مالية تمثل نسبة معينة فى ملكية مشروع زراعى أوتجارى أو صناعى وله فائدة..
فكل الشركات المساهمة تخضع لوجوب الزكاة أيا كان نشاطها .
والسند : ورقة مالية يصبح المرء دائنا بقيمتها للمشروع الزراعى أوالتجارى أو الصناعى وله فائدة ..
فهى عبارة عن وثائق بديون فى ذمم مصدريها ولمن يملكها فوائد مقابل تأجيل سدادها .
وهناك من فرق بين ما إذا كانت السندات شرعية مثل المضاربة والقراض فأوجب فيها الزكاة ..
وبين الغير شرعية فمنع الزكاة فيها باعتبارها ربوية
وهناك من ذهب إلى أنه : إذا بلغ السهم أو السند النصاب وحال عليه الحول : ففيه ربع العشر ..
أما الفائدة قيل : بضمها الى رأس المال واعتباره كالربح وقيل : بعدم ضمها لعدم مشروعيتها .
وكذلك الأمر إذا كان المال شهادات أيا كان نوعها أو فئتها :
فإنه يؤدى عنها الزكاة إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول .
وإذا كان المال ودائع
فإنه يؤدى عنها الزكاة كلما حال عليها الحول دون انتظارسحبها فى الميعاد لاستطاعة
الحصول عليها فى أى وقت شاء .
وعموما : فالمال أيا كان مسماه لولم تستطع استيفائه فعليك أن تحسب أحواله (عدد سنواته)
وحال قبضه تخرج عنه الزكاة على ما مرمن السنوات التى كان محبوسا فيها .
*********
( زكاة الركاز)
يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
( فى الركاز الخمس )
والركاز هو : ما وجد مدفونا من ذهب أو فضة وما إلى ذلك فى أرض غير مملوكة لأحد ..
ومقدار الزكاة فيه هى : الخمس .. ولا نصاب فى الركاز قل أو كثر .. ولاحول فيه ..
فحين يصبح صالحا بعد المعالجة والتصفية والتنقية وإخراج كافة التكاليف
والمصروفات تؤدى زكاته .. ولا يجوز تقويم الركاز فالزكاة فيه مما وجد منه لا من قيمته .
*********
( زكاة المعادن )
كل ما أخرجت الأرض أوالبحر من معادن وغيرها كالنحاس والحديد والرصاص وكاللؤلؤ والمرجان والياقوت والزبرجد والكحل
والمسك والموميا والكبريت وما إلى ذلك وقد ورد بشأنها آراء مختلفة :
فقيل : لازكاة فيها .
وقيل : فيها الخمس باعتبارها ركاز ولا نصاب ولا حول فيها .
وقيل : فيها ربع العشر ونصابها نصاب النقدين .
وقيل : فيها العشر عقب صلاحيته لأنها بمنزلة الزرع يؤخذ منه ما يؤخذ من الزرع يوم حصاده .
*********
( زكاة الزرع )
الزرع : هو كل مستنبت مقتات فكل ما يستنبت فى الأرض وما يقتاته الناس تجب فيه
الزكاة.. ووقت إخراجه هو : يوم حصاده ووقت الحصاد بعد أن يصبح صالحا للإقتيات يقول سبحانه وتعالى
{ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ } الأنعام: ١٤١
والنصاب : خمسة أوسق .. يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
( ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة )
والخمسة أوسق تكون بعد التصفية فى الحبوب والجفاف فى الثمار.. والوسق يعادل 60 ستون صاعا
والصاع 4 أربع أمداد والمد : رطل وثلث رطل تقريبا وهو ما يساوى 1600 رطل ( 712 كيلو تقريبا ) ..
هذا هو أول النصاب إذابلغه الزرع وجبت فيه الزكاة .. ولا يجوز تقويمه بالمال .
ومقدار زكاة الزرع هو : العشر : ونصف العشر .
العشر : لولم يكن فى زراعة الأرض مؤنة والمؤنة هى السقيا بعين جارية أو من بحر
أو من نهر أو من ماء المصارف ...الخ
ونصف العشر : لو كان فى زراعة الأرض مؤنة ومشقة كالسقيا من بئر بعيد أو الحمل من ساقية أو بدلو .... إلخ
بعد إخراج المصروفات والتكاليف والنفقات والله هو الحسيب والرقيب فإن خلط المرء فى الزراعة بين
هذا وذاك ( المشقة والراحة ) فما قل أو كثر فبحسابه والله حسيبه .